المنظمة العالمية للتجارة

التطور التاريخي للجات ومنظمة التجارة العالمية:
ظهرت الجات من أجل تنظيم التجارة العالمية والحد من القيود عليها وذلك في 30/10/1974 حيث اتفقت 23 دولة في قصر الأمم بجنيف بعد محادثات تجارية على اتفاقية عامة للتعريفات والتجارة بين الدول الأعضاء. ودخلت تلك الاتفاقية حيز التنفيذ في أوّل يناير 1948 حيث شكّلت أمانة عامة مؤقتة الإشراف عليها، وتقرر إنشاء هيكل جديد لها تحت مسمى منظمة التجارة الدولية ITO وفي مارس1948 اتفقت 53 دولة على تشكيل منظمة التجارة الدولية، لتشابه سلطاتها صندوق النقد الدولي، ولكن الو.م.أ وبعض الدول الأخرى رفضت الانضمام إليها على أساس عدم ملائمة ذلك الوقت لتحرير كامل التجارة الدولية، ففشلت الاتفاقية وظهرت بدلا من ذلك دورات تفاوضية من أجل الوصول في النهاية إلى منظمة التجارة الدولية.
وهكذا يمكن تحديد مبادئ الجات في المبادئ الثلاث التالية:1
ü تحرير التجارة الدولية من القيود الجمركية وغير الجمركية.
ü عدم التمييز بين البلاد المختلفة في المعاملات التجارية.
ü تحديد قواعد السلوك في المعاملات التجارية.
يتضح لنا ممّا سبق أنّ الجات لم تكن منظمة وإنّما كانت اتفاقا متعدّد الأطراف.

· ثانيا: جولات الجات التفاوضية وإنشاء منظمة التجارة العالمية:
مرّت اتفاقية الجات بالعديد من الجولات:1
ü جولات جنيف: 1947 وقّعت 23 دولة على ما يسمّى حينذاك بالاتفاقية العامة في قصر الأمم بجنيف بعد جولة محادثات تجارية دولية غير مسبوقة، وكانت تلك أوّل محاولة لوضع لائحة لتنظيم التجارة وخفض التعريفة الجمركية على خمس حجم التجارة العالمية.
ü جولة نيس1949: حيث انعقدت تحت إشراف اتفاقية الجات في مدينة نيس الفرنسية واتفقت هناك 13 دولة من الدول الأعضاء في الاتفاقية على تخفيض التعريفة الجمركية على500 سلعة.
ü جولة توركواي 1950(انجلترا): حيث تبادلت 38 دولة عضوا في الجات تخفيضات جمركية على( 8700).
ü جولة جنيف عام 1956: والتي تمحضت على خفض تعريفات جمركية بلغت قيمتها 2.5 مليار.
ü جولة ديلون عام 1960: والتي سميت على اسم وكيل وزارة الخارجية الأمريكية دوجلاس ديلون الذي اقترح قيمتها وضمت 26 دولة اجتمع ممثلوها في جنيف وتركّزت مفاوضاتهم على تنسيق اتفاقات التعريفة مع دول المجموعة الاقتصادية الأوربية.
ü جولة كندي عام 1964: والتي سمّيت باسم الرئيس الأمريكي جون كندي وعقدت في جنيف أيضا وقد أسفرت عن تخفيض عالمي للتعريفة الجمركية بنسبة تقترب من%30 على المنتجات الصناعية.
ü جولة طوكيو عام 1973: والتي عقد على مستوى الوزراء في العاصمة اليابانية ومن ثم انتقلت لإلى مقر الاتفاقية في جنيف وشاركت فيها 102 دولة تفاوضت حول اتفاقيات تتعلّق بضرورة إزالة الحواجز غير الجمركية التي تعوق التجارة واستبدالها بحواجز صناعية هدفها الحماية التجارية بأساليب غير التعريفة الجمركية مثل تحديد المواصفات الفنية للسلعة.
ü جولة الأورجواي: تعتبر أهم جولة في اتفاقية الجات لما تضمّنته من موضوعات وقضايا جديدة، بدأت عام 1986 بمدينة بونتادل إست « PUNTADEL ESTE » بالأرجواي، وانتهت عام 1944 وشارك في مناقشتها 125 دولة وقّع منهم 109 الوثيقة الختامية وأسدل الستار عليها في مراكش بالمغرب حيث وقّع 27 عضو على اتفاقية إنشاء التجارة العالمية WTO على أن تبدأ نشاطها في النصف الأول عام 1990 وكانت تلك الجولة من أكثر الجولات طموحا وتعقيدا وتأزما خصوصا بين الو.م.أ والمجموعة الأوربية واليابان.

انتهاء دور الأورجواي في أبريل 1994، انتقلت مهام اتفاقية الجات وأهدافها إلى المنظمة العالمية، بدأ من أوّل يناير 1990 ولذلك لم تعد الجات منذ ذلك التاريخ كيانا مستقلا، وإنّما أصبحت جزءا من المنظمة الجديدة للتجارة الدولية، ولعلّ أهم الموضوعات التي تمّ الاتفاق عليها في دورة الأورجواي هي نشأة المنظمة العالمية للتجارة.

نشأة المنظمة العالمية للتجارة:
وكما قيل تم الاتفاق في دورة الأورجواي على تحويل قواعد النظام التجاري متعدد الأطراف إلى منظمة متكاملةWOT اتخذت جنيف مقرّا لها وسكرتارية دائمة لها حيث تم الاتفاق على وضع منظمة التجارة نشاطها في أوّل يناير 1995 وفي الواقع أنّ فكرة إنشاء المنظمة راجع إلى ثلاثة قرون خلت، فلمّا تناول الفكر الاقتصادي في القرن الثامن عشر فكرة حرية التجارة الدولية وإنّ أهم محاولة في القرن العشرين هي اتفاقية الجات نظاما تجاريا يأخذ شكل الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة أو ما يسمى بالجات، وقد أخذ سريانها في أول يناير1948 واستمرت في العمل حتّى دورة الأورجواي للمفاوضات التجارية المتعدّدة الأطراف عام 1994. تعريف منظمة التجارة العالمية:
هي منظمة لها صفة قانونية مستقلّة ولها كافة الحقوق والامتيازات الممنوحة لوكالة الأمم المتحدة وهي تمثل بذلك الإطار التنظيمي والمؤسسي وهذا الأخير يظم كل الاتفاقيات التي أسفرت عنها مفاوضات جولة الأورغواي وتقوم أيضا بالإشراف على تطبيق القواعد والإجراءات الحاكمة لتسوية النزاعات التجارية والمراجعة في تطبيق السياسات التجارية.
وبهذا تعتبر منظمة التجارة العالمية أحد الأركان الأساسية للنظام الاقتصادي العالمي الجديد تتمثل تلك الأركان في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير وأخيرا منظمة التجارة العالمية. يختص الصندوق بشؤون النظام النقدي الدولي، بينما يختص البنك بمسائل النظام المالي الدولي وأخيرا تختص المنظمة بشؤون النظام التجاري الدولي.
وبظهور منظمة التجارة العالمية يكون قد اكتمل الضلع الثالث للنظام الاقتصادي العالمي الجديد.

فمنظمة التجارة العالمية تهدف إلى إقامة نظام تجاري عالمي متكامل يقوم على مبدأ حرية التجارة وعدم التميز، والمساواة في مجالات السلع والخدمات إضافة إلى حماية حقوق الملكية الفكرية.
ويلاحظ أنّ النظام الاقتصادي العالمي الجديد يخضع للمبدأ الرأسمالي وهو أنّ عدد أصوات الأعضاء يعتمد على حصتها في المنظمة، البنك، أو الصندوق.
ولذا نجد أنّ الو.م.أ تمارس سيطرتها على النظام الاقتصادي الدولي منذ البداية حيث تساهم بنسبة %18 في رأس المال البنك الدولي، وعليه رئيس البنك يكون أمريكيا ترشحه الحكومة الأمريكية.
يوضح الشكل النظام الاقتصادي العالمي الجديد بعد إنشاء منظّمة التجارة العالمية وهو يبيّن التكامل والترابط بين مكوّنات هذا النظام (منظمة، بنك، صندوق) وهذا الثالوث المتشابك يؤكد على عولمة الاقتصاد العالمي بما سيكون له من تأثيرات بعيدة المدى على كافة الدول المتقدّمة.

أهداف المنظمة:
الهدف الرئيسي للمنظمة هو تحقيق حرية التجارة الدولية، وذلك بالقضاء على صورة المعاملة التمييزية فيما يتعلّق بانسياب التجارة الدولية وإزالة كافة القيود والعوائق والحواجز التي من شأنها أن تمنع تدفق حركة التجارة عبر الدول.
أمّا الأهداف الأخرى فتتمثل فيما يلي:
ü رفع مستوى المعيشة للدول الأعضاء.
ü السعي نحو تحقيق مستويات التوظيف (التشغيل الكامل) للدول الأعضاء.

ü تنشيط الطلب الفعال.
ü رفع مستوى الدخل القومي الحقيقي.
ü الاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية العالمية.
ü تشجيع حركة الإنتاج ورؤوس الأموال والاستثمارات.
ü سهولة الوصول الأسواق ومصادر الموارد الأولية.
الهيكل التنظيمي لمنظمة التجارة العالمية:
يتألف الهيكل التنظيمي للمنظمة من مؤتمر وزاري ومجلس عام ومجالس متخصصة ولجان وسكرتارية:
· المؤتمر الوزاري: يتألّف من ممثلين عن جميع الأعضاء بمستوى وزير ويجتمع مرّة كل سنتين على الأقل وهو السلطة العليا للإشراف على تنفيذ مهام المنظمة واتخاذ الإجراءات والقرارات اللاّزمة في جميع المسائل التي تتعلّق بالاتفاقات التجارية المتعدّدة.
· المجلس العام: يتألّف من ممثلين عن جميع الأعضاء ويجتمع تسع مرّات في السنة على الأقل كما يجتمع كلّما دعت الحاجة إلى ذلك، ويضطلع بمهام المؤتمر الوزاري في الفترات التي تفصل بين اجتماعاته، ويكون بمثابة الجهاز لتسوية المنازعات المشار إليها في وثيقة التفاهم الخاصة بذلك وكذلك مهام مراجعة السياسات التجارية للدول الأعضاء.
· المجالس المتخصصة: ينشأ المجلس لشؤون التجارة في السلع ومجلس لشؤون التجارة في الخدمات ومجلس لشؤون حماية الملكية الفكرية وتكون هذه المجالس مفتوحة لجميع من يرغب من الدول الأعضاء، وتنعقد اجتماعاتها حسب الضرورة للقيام بمهامّها وتعمل هذه المجالس تحت إشراف المجلس العام.
· اللجان الفرعية: ينشئ المؤتمر الوزاري لجنة للتجارة والتنمية ولجنة لقيود ميزان المدفوعات ولجنة للميزانية المالية والإدارة، كما ينشئ لجانا أخرى كلّما دعت الحاجة لذلك.
· السكرتارية: يتضمّن هيكل منظمة السكرتارية يرأسها مدير عام يعينه المؤتمر الوزاري ويحدد له سلطاته وواجباته وشروط خدمته وفترة شغل منصبه، ويعين المدير العام أعضاء موظفي السكرتارية ويحدد لهم واجباتهم وشروط خدمتهم وفقا للقواعد التي يعتمدها المركز الوزاري.

شروط العضوية في منظمة التجارة العالمية:
يوجد شروط يجب احترامها لمن ترغب من الدول الانضمام وهي:1
ü تقديم تنازلات للتعريفات الجمركية: تشترط المنظمة على الدول الراغبة في الانضمام تقدم جدول للتنازلات يحتوي على تعريفات جمركية بشكل التزامات لا يمكن رفعها من حيث المبدأ إلاّ في حالات خاصة.
ü تقديم التزامات في الخدمات: تقدّم الدولة جدولا بالالتزام التي ستتبعها في قطاع الخدمات يظم قائمة بالحواجز والشروط التي تعترض القطاعات والنشاطات المهنية الخدماتية ووضع جدول زمني لإزالتها.
ü الالتزام باتفاقيات منظمة التجارة العالمية: تتعهد الدولة المنظمة للمنظمة بالتوقيع على بروتوكول يشمل الموافقة على اتفاقيات جولة الأورجواي مما يعني أنه لا سبيل أمام الدولة للخيار بين الاتفاقيات بعكس ما كان سائدا أيام الجات خاصة بعد جولة طوكيو حيث لم توقع معظم الدول النامية على نتائجها التي تمثّلت فيها اتفاقيات

شكرا