هي إحدى الجمهوريات الإسلامية بالاتحاد السوفيتي، وأكبر الوحدات السياسية الإسلامية مساحة في الاتحاد السوفيتي، إذ تبلغ مساحتها 2.171.000 كيلو متر مربع، إلا إن نسبة المسلمين انخفضت بها من 50% في سنة 1358هـ إلى 43% في سنة 1391هـ في مدى أربعين عامًا من حكم السوفيت، وذلك بسبب التهجير الذي اتبعه السوفيت، فلقد هجَّروا المسلمين منها إلى سيبيريا، وهجَّروا الروس بأعداد كبيرة إلى قازاخستان، حتى أصبحوا أغلبية بين سكانها، بينما تضاءل سكانها الوطنيون إلى حجم الأقلية، وخضعت للحكم الشيوعي في 5/12/1936م.
الموقع:
توجد جمهورية قازاخستان في وسط قارة آسيا، وتمتد أراضيها بين نهر الفولجا وبحر قزوين غربًا إلى جبال التاي وحدود الصين شرقًا، وبين سيبيريا شمالًا وصحراء وسط آسيا جنوبًا، تحيط بها جمهوريات إسلامية، فمن الجنوب قزغيريا وأوزبكستان وتركمانيا، وتحدها من الشرق التركستان الشرقية وهي ولاية إسلامية استولت عليها الصين، وفي شمالها سيبيريا وعاصمة قازاخستان ألماطا في جنوبها الشرقي.
الأرض:
أرض قازاخستان قطاعات تضاريسية تختلف معالمها، ففي الشمال سهوب متموجة صحراوية المناخ، ويمثل هذا الجزء مدخل سيبيريا، والقسم الأوسط سهلي تتخلله بعض الروابي والتلال، فهو أقرب إلى التموج منه إلى الانبساط، وتكون القسم الجنوبي من قازاخستان وكذلك القسم الشرقي من هضبة قازاخ، وتتخلله أجزاء من جبال التاي وتيان شان، كما تتخلل قازاخستان مسطحات مائية منها بحر أرال وبحيرة بلخاش، ويجري بها القسم الأكبر من نهر سيحون (سرداريا) والقسم الغربي من قازاخستان أرض منخفضة تحيط ببحر قزوين، وتنتشر بها المستنقعات والكثبان الرملية.
المناخ:
مناخ قازاخستان يختلف من منطقة لأخرى بسبب رقعتها، فهو قاري متطرف في الشمال، تصيبه أمطار قليلة، والإقليم الأوسط صحراوي أكثر جفافًا، ويشتد الجفاف وتزيد حدة القارية في الأحواض الداخلية كبحيرة بلخاش وبحر أرال، والقسم الجبلي في الجنوب والشرق أسعد حظًّا في أمطاره.
السكان:
لقد بلغ عدد سكان قازاخستان في سنة 1358هـ - 1939م 6.050.000 نسمة، كانت نسبة المسلمين بينهم 50%، وذهب ضحية الاضطهاد الروسي مليونَا من القازاخستان في تطبيق قوانين الاشتراكية عليهم في سنة 1349هـ - 1930م، وهذا العدد كان يمثل ربع السكان آنذاك، وفي سنة 1390هـ - 1970م وصل عدد سكان قازاخستان إلى 12.849.000 نسمة، يمثل الروس من بينهم 5.000.000 نسمة، فإذا أضفنا إليهم المهاجرين من الجنسيات الروسية غير المسلمة ترتفع النسبة إلى قرابة 53%، ولقد وصل عدد سكان جمهورية قازاخستان في سنة 1401هـ - 1981م 15.045.000 نسمة، وفي سنة 1409هـ 1989م وصل عددهم إلى 16.470.000 نسمة، ومن هؤلاء 7.820.000 مسلم، بينما تقدرهم بعض المصادر الغربية بحوالي 6 ملايين.
النشاط البشري:
تتمتع جمهورية قازاخستان باقتصاد زراعي ورعوي يسهم بحصص كبيرة في موارد السوفيت، فتسهم بنسبة 2/1 18% من إنتاج الحبوب في الاتحاد السوفيتي والتي تتمثل في القمح والشعير والأرز، ويطلق على قازاخستان " سلة خبز السوفيت "، وهذا إلى جانب إنتاجها من القطن والبنجر السكري والفاكهة، وتنتج قازاخستان حوالي ربع إنتاج الصوف في الاتحاد السوفيتي، وتقدر ثرواتها الحيوانية بثماني ملايين من الماشية وبخمسة وثلاثين مليونًا من الأغنام، وتشغل المرتبة الثانية في إنتاج النحاس، والثالثة في إنتاج الفحم والبترول، والأولى في إنتاج معدن الكروم في العالم، وهذه الثروات هي سبب تركيز هجرة الروس إلى قازاخستان.
كيف وصل الإسلام إلى قازاخستان؟
وصول الإسلام إليها مرتبط بوصوله إلى وسط آسيا، إلى طشقند وسمرقند وبخارى، وعندما تولى قتيبة بن مسلم الباهلي خراسان في سنة 88هـ دخلت فتوح الإسلام في بلاد ما وراء النهر مرحلة جديدة، وصلت إلى حد الاستقرار، فلقد عبر قتيبة النهر في المرحلة الأولى من جهاده، واستطاع أن يغير في المرحلة الثانية من جهاده على بخارى، وفي المرحلة الثالثة بين سنتي 90 و 93هـ استطاع أن يثبت راية الإسلام في حوض نهر جيحون، وفي المرحلة الرابعة من جهاده استطاع توجيه الحملات إلى ولايات نهر سيحون فيما بين سنتي 94 و96هـ، وامتد النفوذ الإسلامي إلى فرغانة في أعالي نهر سيحون "سرداريا" واستمر جهاده بهذه المنطقة قرابة 14 عامًا، وصلت فتوحاته إلى مدينة "كشغر" على حدود الصين. هكذا ثبت قتيبة بن مسلم انتشار الدعوة فيما وراء نهر سيحون، وفي عهد عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- أرسل إلى ملوك ما وراء النهر أي قازاخستان حاليًا، أرسل يدعوهم للإسلام وأسلم البعض سلمًا، وسارع من بقي من أهل ما وراء النهر إلى اعتناق الإسلام في عهد هشام بن عبد الملك، وزاد انتشار الإسلام في منطقة قازاخستان في عهد العباسيين، خصوصًا في عهد المعتصم العباسي. وزاد ازدهار الدعوة عندما أسلم الخواقين من آل بوغرا، وانتشرت اللغة العربية بمنطقة التركستان عامة، وبرز علماء في الدين واللغة العربية من بين التركستانيين، وكانت لغتهم تكتب بحروف عربية حتى سيطر الروس على منطقتهم فاستبدلت بحروف لاتينية كما أن إسلام الأتراك السلاجقة مكن الدعوة الإسلامية. ثم تعرضت المنطقة لغزو المغول والتتار الذي دمر معظم الحضارة الإسلامية بوسط آسيا وغربها.
وعندما اعتنق المغول الإسلام تحولوا إلى قوة عظيمة تنشر الدعوة الإسلامية وكان من أوائل أمراء المغول الذين اعتنقوا الإسلام بركة خان. وفي عهد حكم أوزيك خان في سنة 713هـ - 1313م اهتم هذا الحاكم المغولي بنشر الإسلام في كافة بلاد الروس، غير أن الروس في عهد القياصرة بدأوا محاولاتهم للسيطرة على منطقة وسط آسيا في خلال القرن 19 الميلادي، وقد سبق هذا في القرن 18، واستغرق إخضاع الروس لوسط آسيا مدة تزيد على 182 عامًا، كان هذا في عهد روسيا القيصرية، وبعد ظهور الشيوعية في روسيا جرد السوفيت حملات على الجمهوريات الإسلامية في وسط آسيا وقاوم التركستانيون هذا الغزو، وتكونت جبهة تركستانية إسلامية من الجمهوريات الإسلامية بالتركستان، ولم يستطع الروس التغلب على حركة المقاومة الإسلامية إلا في سنة 1353هـ - 1934م، ولهذا لم يتم إدماج جمهورية قازاخستان في الاتحاد السوفيتي إلا في سنة 1355هـ - 1936م، وواجه المسلمون تحديات كثيرة في عهد السوفيت، فأغلق السوفيت آلاف المساجد أو هدموها، كما أغلقت المدارس الإسلامية في قازاخستان. وفي ديسمبر سنة 1991م، أعلنت قازاخستان انضمامها إلى اتحاد الكومنوليث الروسي، والذي تأسس من روسيا الاتحادية، وأكرابينا، وروسيا البيضاء وأوزبكستان.